على النظام السياسي في الدول العربية العودة إلى مرتكزات العدالة في توزيع القيم السلطوية وإلى فتح مجال المشاركة السياسية، لأن معظم العنف هو عنف سياسي بامتياز كل دارس لقضية أو لظاهرة العنف السياسي في الوطن العربي يجد نفسه ينطلق من مجموعة أطروحات تتمثل في مقاربة العلاقة بين التنمية السياسية ودرجة التعبئة الاجتماعية وعدم العدالة في توزيع القيم السلطوية وعدم التكامل الوطني والتعبئة الاقتصادية من جهة وبين العنف السياسي من جهة ثانية.
إن مثل هذه المعالجات تجد نفسها في مواجهة العديد من التساؤلات حول خصوصية المرحلة الانتقالية التي يمر به الوطن العربي، وحول طبيعة المجتمع المستهدف، أي الانتقال إلى ماذا؛ وما هي الدوافع المباشرة أو غير المباشرة الداخلية أو الخارجية التي ترسم شكل المجتمع القادم؟.
وما أن ندخل في دائرة الإجابة إلا ونجد أنفسنا في حالة من تضارب الاجتهادات وتنوّع التصوّرات حول طبيعة المجتمع المستهدف، ولعل مرد ذلك إلى اختلاف المواقف الإيديولوجية والقيمية المسبقة، حيث يدّعي كل منها امتلاك الحقيقة، وامتلاك الرأي السديد والأخير يضاف إلى ذلك بصورة أو بأخرى استحقاقات التبعيات للخارج، الاقتصادية منها والمالية أو العسكرية أو التكنولوجية أو البحث عن مصادر القوّة التي تمكن هذه الدولة أو تلك من لعب الدور الأول في المنظومة المحلية أو العربية.
وفوق ذلك نرى أن مجموعة من النظم السياسية العربية قد عاشت لفترة طويلة تمارس عملية احتكار السلطة وعدم السماح بالتعددية السياسية أو حتى وجود مؤسسات سياسية قادرة على المشاركة في القرار السياسي.
إلى جانب ذلك ومعه، فإنها ترفض فكرة المعارضة، وتعمل على إعثار إمكانات قيام قوى المجتمع المدني وبالتالي لا هي انتبهت إلى خطورة ما تقوم به، ولا هي أصلحت الخلل الذي بدا واضحاً أمامها، ظنـّاً منها أنها قادرة على الحكم بقوة "الفرض" لا بقوة "العدالة" والمشاركة الواسعة لمكونات المجتمع، وعليه فقد تناست تماماً ضرورة الاستمرار في البحث عن شرعية صحيحة وعن الرضا الحر للناس.
ولذلك وجدنا أن بعض دول النظام السياسي العربي قد دخلت في حالة من العنف الرسمي يقابله العنف غير الحكومي وهو الذي يمارسه المواطنون من خلال المظاهرات أو الاحتجاجات أو الاعتصامات وإحداث الشغب.
ومن المحزن أننا وجدنا هذه الدول تكابر في المحسوس، وتتصدى إلى احتجاجات الناس باستخدام القوة والمزيد من القوة المبالغ فيها. ولمّا أن كانت الشعوب قد انفلتت من بصيرتها، بعد ان أحست بالظلم وسوء الإدارة وانتشار الفساد، فإن ضرورة التغيير تصبح أولوية لديها حتى لو كان ذلك على حساب فقدان بعض الأرواح وسقوط بعض الضحايا. وهكذا فإن على النظام السياسي، العودة إلى مرتكزات العدالة في توزيع القيم السلطوية، والى فتح مجال المشاركة السياسية، لأن معظم العنف الذي أصبحنا نراه في بعض شوارعنا هو عنف سياسي بامتياز، كون معظم أهدافه وشعاراته ودوافعه هي سياسية، رغم الاختلاف بين هذا وذاك، ورغم التباين في الأهداف التفصيلية وطبيعة القوى المرتبط بها.
وهذه الدعوة منطلقة أساسا من كون العنف السياسي هو مفهوم مركزي يعتمد عليه في فهم حالة عدم الاستقرار السياسي، وحتى يمكن مواجهة ذلك والتخلص منه يجب أن تدرك النظم السياسية عدم اللجوء إلى تحقق حالة من الاستقرار السلطوي أو القهري والذهاب إلى سبل أكثر انفتاحاً وديمقراطية وإلا فإن الأمور ستزداد توتراً، مع ما يثيره ذلك من فتح أبواب النظام السياسي العربي أمام التدخلات الأجنبية وقد رأينا من مثلها ما جرى في العراق وليبيا والسودان وغيرها من الدول المرشحة للتدخل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. محمد العريمي (الشبيبة 11/4/2011)
إن مثل هذه المعالجات تجد نفسها في مواجهة العديد من التساؤلات حول خصوصية المرحلة الانتقالية التي يمر به الوطن العربي، وحول طبيعة المجتمع المستهدف، أي الانتقال إلى ماذا؛ وما هي الدوافع المباشرة أو غير المباشرة الداخلية أو الخارجية التي ترسم شكل المجتمع القادم؟.
وما أن ندخل في دائرة الإجابة إلا ونجد أنفسنا في حالة من تضارب الاجتهادات وتنوّع التصوّرات حول طبيعة المجتمع المستهدف، ولعل مرد ذلك إلى اختلاف المواقف الإيديولوجية والقيمية المسبقة، حيث يدّعي كل منها امتلاك الحقيقة، وامتلاك الرأي السديد والأخير يضاف إلى ذلك بصورة أو بأخرى استحقاقات التبعيات للخارج، الاقتصادية منها والمالية أو العسكرية أو التكنولوجية أو البحث عن مصادر القوّة التي تمكن هذه الدولة أو تلك من لعب الدور الأول في المنظومة المحلية أو العربية.
وفوق ذلك نرى أن مجموعة من النظم السياسية العربية قد عاشت لفترة طويلة تمارس عملية احتكار السلطة وعدم السماح بالتعددية السياسية أو حتى وجود مؤسسات سياسية قادرة على المشاركة في القرار السياسي.
إلى جانب ذلك ومعه، فإنها ترفض فكرة المعارضة، وتعمل على إعثار إمكانات قيام قوى المجتمع المدني وبالتالي لا هي انتبهت إلى خطورة ما تقوم به، ولا هي أصلحت الخلل الذي بدا واضحاً أمامها، ظنـّاً منها أنها قادرة على الحكم بقوة "الفرض" لا بقوة "العدالة" والمشاركة الواسعة لمكونات المجتمع، وعليه فقد تناست تماماً ضرورة الاستمرار في البحث عن شرعية صحيحة وعن الرضا الحر للناس.
ولذلك وجدنا أن بعض دول النظام السياسي العربي قد دخلت في حالة من العنف الرسمي يقابله العنف غير الحكومي وهو الذي يمارسه المواطنون من خلال المظاهرات أو الاحتجاجات أو الاعتصامات وإحداث الشغب.
ومن المحزن أننا وجدنا هذه الدول تكابر في المحسوس، وتتصدى إلى احتجاجات الناس باستخدام القوة والمزيد من القوة المبالغ فيها. ولمّا أن كانت الشعوب قد انفلتت من بصيرتها، بعد ان أحست بالظلم وسوء الإدارة وانتشار الفساد، فإن ضرورة التغيير تصبح أولوية لديها حتى لو كان ذلك على حساب فقدان بعض الأرواح وسقوط بعض الضحايا. وهكذا فإن على النظام السياسي، العودة إلى مرتكزات العدالة في توزيع القيم السلطوية، والى فتح مجال المشاركة السياسية، لأن معظم العنف الذي أصبحنا نراه في بعض شوارعنا هو عنف سياسي بامتياز، كون معظم أهدافه وشعاراته ودوافعه هي سياسية، رغم الاختلاف بين هذا وذاك، ورغم التباين في الأهداف التفصيلية وطبيعة القوى المرتبط بها.
وهذه الدعوة منطلقة أساسا من كون العنف السياسي هو مفهوم مركزي يعتمد عليه في فهم حالة عدم الاستقرار السياسي، وحتى يمكن مواجهة ذلك والتخلص منه يجب أن تدرك النظم السياسية عدم اللجوء إلى تحقق حالة من الاستقرار السلطوي أو القهري والذهاب إلى سبل أكثر انفتاحاً وديمقراطية وإلا فإن الأمور ستزداد توتراً، مع ما يثيره ذلك من فتح أبواب النظام السياسي العربي أمام التدخلات الأجنبية وقد رأينا من مثلها ما جرى في العراق وليبيا والسودان وغيرها من الدول المرشحة للتدخل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. محمد العريمي (الشبيبة 11/4/2011)
0 التعليقات:
إرسال تعليق