الأفراد والمؤسسات والدول الرائدة هي التي لا تمنع المعارضة بالأساليب التقليدية المعروفة، ولكنها تقوم بتقويد العناصر الفاعلة داخل هذه الفئة وحصار المؤثرين وأصحاب الرأي فيها بطرق موضوعية وعقلانية .. ومن ثم تقوم بتشكيل جبهة من "المعارضة المرنة" والتي تلعب دور "الناقد - الإصلاحي" .. بالنسبة للنظام .. وأعني بها تلك المعارضة التي تتفق معك على هدف واحد وهو التفاعل من أجل "النهضة" بدولتك أو مؤسستك أو فريقك .. لتدور دائرة التفاعل "الإيجابي والسلبي" حول هذا الهدف الأسمى- دون ممارسة حصار وتضييق من طرف، أو معارضة مدمرة من الطرف الآخر .. على أن يتم التنسيق بين الطرفين ليحدث هذا التفاعل في درجات حرارة مواتية لا ترقى لمستوى الحرب المتبادلة التي تشغل الطرفين عن تحقيق المبادىء الأيديولوجية المتحكمة في النظام الداخلي.
- والحقيقة أن المعارضة المدمرة "السالبة -" لها عدة سمات وصفات .. تتلخص في كونها :_
- - لا تقتنع بأهدافك.
- - لا تثق بقدراتك ومقدراتك.
- - تعتمد على اخراجك من دائرة الحكمة .
- - تسلك سياسيات مخالفة .. بنفس الأدوات التي تعمل بها .
- - أن تعتمد على التحريض الخارجي والتأليب الداخلي.
- - لا تهتم بالحوار والنقاش حول القضايا الرئيسة ونقاط الاتفاق .
- - تقوم بتعظيم نقاط الخلاف وتعتمد على النشر والتسويق عبر وسائل عدة .
- - تهويل اخطائك أمام الآخرين .
- - تهتم بنظرية "الطعن في الظهر" ومن ثم "الكر والفر" في مواجهة سياساتك.
- - تستهلك كافة المواقف التي تقلل من صورتك أمام الآخرين .
لذلك فإن الدول المتقدمة سياسياً .. تعتمد على منظومة إدارية في المقام الأول لإدارة الدولة بعيداً عن السياسات العسكرية ومنهجية المواجهة والحصار للأعداء والمعارضين .. ولكنها تعتمد في المقام الأول على "تكسير عظام المتمردين من المعارضة السالبة" بطرق سلمية وضغوط نفسية وعملية حصار ممنهجة" .. بينما تقوم على الجانب الآخر بصناعة "المعارضة" التي "تتفق وتختلف" تحت سقف محدد ويحدث تفاهم حول ما تعنيه الخطوط الحمراء .. بل يسمح لتلك المعارضة احياناً بتخطي تلك الحدود طالما أن هذا التخطي لا يتعارض مع السير البطىء للخطة ، فضلاً عن تناغم هذه المعارضة مع "مواجهة تمثيلية" مع المدير أو الرئيس أو الزعيم .. لتخرج في النهاية صورة تفاعلية حية .. تنتقل بها المؤسسة أو الدولة إلى دائرة أخرى .. تسمى دائرة "الأمان" .. وأعني بها "تلك الدائرة التي لا تشعر فيها المؤسسة بالخطر وتعطي ظهرها للمعارضة باطمئنان" لأنها مقتنعة تماماً .. بأنها التي صنعت تلك المعارضة !!
ومن النماذج الفاشلة في "فن صناعة المعارضة" .. هو النموذج السوري حيث اعتمد بشار الأسد على صناعة "معارضة مكشوفة مسبقاً" وأنصار لا يتحملون أحياناً تخطي الخطوط الحمراء أو المبالغة في ردة الفعل، ولا يعرفون قيمة أن تكون المعارضة إيجابية لمنافسة "المعارضة الحقيقية والمؤثرة" .. فالمعارضة التي صنعها "بشار الأسد" هي فعلاً "معارضة تدميرية" لكنها تدمر نظامه بغبائها وأسلوبها في إدارة الصراع .. لذلك تجد أنصار الثورة السورية هم أساس المعارضة الحقيقية التي تسعى لسحق نظام البعث القائم في أرض الشام .
المصدر:نبض حماسنا
0 التعليقات:
إرسال تعليق