في سبيل وقف التدهور الأخلاقي وبعد أحداث الشغب التي شهدتها لندن , أعلنت الحكومة البريطانية منذ أيام البدء في دورات تدريبية للأمهات والآباء الذين تقل أعمار أطفالهم عن 5 سنوات، مقابل 100 £ يتم منها دفع تكاليف الدورة التي تتمركز حول قضايا الاتصال والانضباط وإدارة الصراع وتشجيع السلوك الأفضل للأطفال، آخذة في الاعتبار جهل الكثير من الآباء فن التعامل مع المشكلات الحديثة للأطفال .
وفي نفس السياق دعت الصين إلى اتخاذ إجراءات فعالة لرفع المعايير الأخلاقية للمجتمع بعد حادث اصطدام سيارة لطفلة صينية وسط تجاهل تام من المارة , معتبرة هذا الحادث كجرس إنذار حول أهمية التربية الأخلاقية بعد أن تغيرت القيم الاجتماعية نتيجة التفاوت المتزايد بين الأغنياء والفقراء.
ولأن مجتمعنا ليس بعيدا عن هذا التدهور الأخلاقي، والذي ظهر جليا مع حالة الانفلات الأمني وانتشار عدد هائل من البلطجية في المجتمع والاشتباكات العديدة بين الثوار وأبناء مبارك وصولا إلى أحداث ماسبيرو والتي كادت أن تصنع فتنة طائفية في مصر, وانتقال هذه الانحرافات الأخلاقية إلى داخل الحرم الجامعي بالمنصورة ووقوع اشتباكات بين ائتلاف طلاب الجامعة الراغبين في إقالة عميد كلية الآداب وبين مجموعة من الطلبة المؤيدين للعميد الذين استخدموا الصواعق الكهربية والعصا والزجاجات الفارغة , وغيرها العديد من الأمثلة التي تزخر بها النشرات الإخبارية وأعمال الشغب - وليس التظاهر - المتتابعة في ميدان التحرير والتي من شأنها تهديد استقرار المجتمع وأمنه، وتوفير بيئة خصبة لانتشار العديد من الأمراض الاجتماعية والعداءات والجرائم الأخلاقية, يبرز السؤال ..هل نحن في حاجة إلى دورات مماثلة في التربية الأخلاقية ؟ وما مدى تقبل المجتمع المصري لها ؟ وهل لمناهج التعليم دور في رفع المعايير الأخلاقية لدي النشء الجديد؟
ما بين مؤيد ومعارض
بداية عبر " ممدوح " ،موظف ،عن قبوله بمثل هذه الدورات ولكن بشروط أهمها المجانية والتنسيق مع جهات العمل لعدم وجود الوقت الكافي لحضور مثل هذه الدورات قائلا " أيهما أفضل , أن أعود آخر اليوم بعشاء لأولادي أم بمعلومات في التربية "
"التربية مش في الكتب أو الدورات " هكذا علقت "تهاني" التي أكدت أن الأمومة والتربية شيء يعتمد على الفطرة ولا يحتاج إلى التعليم، وأنه على أساس الموقف تحكم الأم على ابنها إن أخطأ عاقبته وإن أصاب كافأته.
وأضافت: كما أنني استفيد من تجارب الآخرين من خلال البرامج التليفزيونية التي تهتم بهذا المجال وتواصل قائلة : الطفل ابن بيئته حتى لو أصبحت هذه الدورات إجبارية .
وعلى العكس أعجبت "فاطمة" بفكرة دورات التربية الأخلاقية مؤكدة أنها كثيرا ما تبحث عن الكتب الخاصة بالتربية خاصة في ظل تغير الظروف الاجتماعية وتغير سلوك الأطفال عن ذي قبل , واشترطت الجدية والإخلاص والاستفادة وليس مجرد الحصول على شهادة اجتياز
تربية أخلاقية عملية
في تعليقها على الفكرة قالت نيفين عبد الله , المستشارة التربوية ,أن دورات التربية الأخلاقية تتمثل أهميتها في تقديمها المادة بشكل عملي، من خلال ورشة عمل وتدريب المشاركين على القدوة وكيفية اختيار نوعية القصص ومناقشتها للأطفال، والتعريف بأهمية بناء الشخصية ومراعاة مبدأ الثواب والعقاب تجنبا للفوضى، والتعرف على الحوار البناء والنقاش والابتعاد عن الأوامر المجردة .
وتابعت أنه لضمان نجاح هذه الدورات لابد من مراعاة الآتي:
- أن تكون الأهالي مؤهلة للتربية الأخلاقية.. وأن يعوا الفرق بين الأخلاق الأساسية والأخلاق الفرعية، فكثير من الأمهات تتضايق عند ضرب ابنها من قبل أطفال آخرين وعلى العكس عندما يقوم هو بالضرب .
- أن تعتمد على الطريقة الفعالة في التربية والمناسبة للمرحلة العمرية .
- تفعيل القوانين المجتمعية والهادفة إلى الارتقاء بالمستوى الأخلاقي، لأن التحلي بالأخلاق يأتي نتيجة دوافع داخلية متمثلة في العقائد ودوافع خارجية متمثلة في القوانين , ولا يوجد لدينا قانون يحمي الأخلاق في الشارع .
- أهمية دور المدرسة في الارتقاء بالأخلاق والاعتراف بأننا في حاجة إلى مناهج تخدم المبادئ والقيم، وترسخ الأخلاق وتركز على منهج بناء الشخصية , كذلك التركيز على دور المدرس وطرق التدريس السليمة وأن يراعى فيمن يقوم بتعليم الأخلاق أن يكون شخصا ناضجا فكريا واجتماعيا ووجدانيا وعقليا، خالي من المشاكل النفسية لأن الأخلاق تسير بالتوازي مع الصحة النفسية.
- للإعلام دور بارز في نشر الثقافة الأخلاقية وبالتالي لابد من مراعاة القائمين عليه للهدف مما يقدمون ومدى الإفادة قبل نشر أي صورة أو خبر، فما ينشره الإعلام من قيم لا أخلاقية يتبناه جيل الشباب خاصة على الفيس بوك الذي أصبح أشبه بالمشرحة والصور الصادمة والمفروضة علينا .
وعن مدى تقبل المجتمع المصري لدورات التربية الأخلاقية تقول ,هذه الدورات تقام بالفعل ومنها الحملة التي أقامها مركز الإعلام العربي بساقية الصاوي والتي شهدت إقبالا وتجاوبا من المشاركين , أيضا ما تقيمه المؤسسات الخاصة ومنها مؤسسة مدى .
وتنهي عبدا لله بأملها في تغير المجتمع المصري للأفضل , وتؤكد بأن هذا لن يحدث إلا بتكاتف الجهود بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات التربوية والإعلام والمساجد، مع الأخذ في الاعتبار أن طريقة أداء الدور أهم من الدور نفسه، وأن ينجز كل منا المهام المطلوبة منه بشكلها الصحيح مشيرة إلى مادة التربية الأخلاقية التي تم إنفاق الكثير عليها دون فائدة أو دون أن تدرس بالشكل المرجو , وغيرها الكثير من الجهود الجميلة التي لم تقدم بالشكل الصحيح وبالتالي لابد وأن يعلم الجميع بأن حسن النوايا ليس كافيا للتغيير .
واتفق معها في الرأي دكتور محمد زيدان , أستاذ المناهج بجامعة حلوان، مؤكدا أن المناهج الدراسية عليها الكثير من علامات الاستفهام في كل المراحل لأنها تركز فقط على الجانب المعرفي والحفظ دون الارتقاء إلى المستويات العليا مثل المشاركة والتطبيق، إلى جانب إهمال كامل للمعرفة الوجدانية.. ومن هنا لابد من إعادة النظر في هذه المناهج لأننا في أمس الحاجة إلى القدوة منبها إلى أن سر انهيار أي حضارة يتمثل في التمسك بالجوانب المادية والابتعاد عن القيم الروحية .
وقفة مجتمعية
وواصل : كما ينبغي التركيز على رسالة المعلم وليس وظيفته، ففي حياة كل منا بصمة واضحة لمعلم أثر فيه بالإيجاب أو السلب، وبالتالي فإن منهج يحتوي على القيم الأخلاقية دون وجود المدرس الممتلك لهذه القيم سيظل حبرا على ورق وستظل المدارس أشبه بمدرسة المشاغبين .
وختم قائلا : ومع هذا , من الظلم أن نحمل المؤسسة التعليمية العبء كله وأنصح بضرورة تكاتف الجهات المعنية بأكملها من أسرة ومدرسة ووسائل إعلام وشارع لنضع حدا للحرية غير المسئولة التي يتمتع بها الكثير من أبناء اليوم، ولتكوين منظومة متكاملة ترتقي بالأخلاق العامة وتعود بالنفع على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية .
وفي نفس السياق دعت الصين إلى اتخاذ إجراءات فعالة لرفع المعايير الأخلاقية للمجتمع بعد حادث اصطدام سيارة لطفلة صينية وسط تجاهل تام من المارة , معتبرة هذا الحادث كجرس إنذار حول أهمية التربية الأخلاقية بعد أن تغيرت القيم الاجتماعية نتيجة التفاوت المتزايد بين الأغنياء والفقراء.
ولأن مجتمعنا ليس بعيدا عن هذا التدهور الأخلاقي، والذي ظهر جليا مع حالة الانفلات الأمني وانتشار عدد هائل من البلطجية في المجتمع والاشتباكات العديدة بين الثوار وأبناء مبارك وصولا إلى أحداث ماسبيرو والتي كادت أن تصنع فتنة طائفية في مصر, وانتقال هذه الانحرافات الأخلاقية إلى داخل الحرم الجامعي بالمنصورة ووقوع اشتباكات بين ائتلاف طلاب الجامعة الراغبين في إقالة عميد كلية الآداب وبين مجموعة من الطلبة المؤيدين للعميد الذين استخدموا الصواعق الكهربية والعصا والزجاجات الفارغة , وغيرها العديد من الأمثلة التي تزخر بها النشرات الإخبارية وأعمال الشغب - وليس التظاهر - المتتابعة في ميدان التحرير والتي من شأنها تهديد استقرار المجتمع وأمنه، وتوفير بيئة خصبة لانتشار العديد من الأمراض الاجتماعية والعداءات والجرائم الأخلاقية, يبرز السؤال ..هل نحن في حاجة إلى دورات مماثلة في التربية الأخلاقية ؟ وما مدى تقبل المجتمع المصري لها ؟ وهل لمناهج التعليم دور في رفع المعايير الأخلاقية لدي النشء الجديد؟
ما بين مؤيد ومعارض
بداية عبر " ممدوح " ،موظف ،عن قبوله بمثل هذه الدورات ولكن بشروط أهمها المجانية والتنسيق مع جهات العمل لعدم وجود الوقت الكافي لحضور مثل هذه الدورات قائلا " أيهما أفضل , أن أعود آخر اليوم بعشاء لأولادي أم بمعلومات في التربية "
"التربية مش في الكتب أو الدورات " هكذا علقت "تهاني" التي أكدت أن الأمومة والتربية شيء يعتمد على الفطرة ولا يحتاج إلى التعليم، وأنه على أساس الموقف تحكم الأم على ابنها إن أخطأ عاقبته وإن أصاب كافأته.
وأضافت: كما أنني استفيد من تجارب الآخرين من خلال البرامج التليفزيونية التي تهتم بهذا المجال وتواصل قائلة : الطفل ابن بيئته حتى لو أصبحت هذه الدورات إجبارية .
وعلى العكس أعجبت "فاطمة" بفكرة دورات التربية الأخلاقية مؤكدة أنها كثيرا ما تبحث عن الكتب الخاصة بالتربية خاصة في ظل تغير الظروف الاجتماعية وتغير سلوك الأطفال عن ذي قبل , واشترطت الجدية والإخلاص والاستفادة وليس مجرد الحصول على شهادة اجتياز
تربية أخلاقية عملية
في تعليقها على الفكرة قالت نيفين عبد الله , المستشارة التربوية ,أن دورات التربية الأخلاقية تتمثل أهميتها في تقديمها المادة بشكل عملي، من خلال ورشة عمل وتدريب المشاركين على القدوة وكيفية اختيار نوعية القصص ومناقشتها للأطفال، والتعريف بأهمية بناء الشخصية ومراعاة مبدأ الثواب والعقاب تجنبا للفوضى، والتعرف على الحوار البناء والنقاش والابتعاد عن الأوامر المجردة .
وتابعت أنه لضمان نجاح هذه الدورات لابد من مراعاة الآتي:
- أن تكون الأهالي مؤهلة للتربية الأخلاقية.. وأن يعوا الفرق بين الأخلاق الأساسية والأخلاق الفرعية، فكثير من الأمهات تتضايق عند ضرب ابنها من قبل أطفال آخرين وعلى العكس عندما يقوم هو بالضرب .
- أن تعتمد على الطريقة الفعالة في التربية والمناسبة للمرحلة العمرية .
- تفعيل القوانين المجتمعية والهادفة إلى الارتقاء بالمستوى الأخلاقي، لأن التحلي بالأخلاق يأتي نتيجة دوافع داخلية متمثلة في العقائد ودوافع خارجية متمثلة في القوانين , ولا يوجد لدينا قانون يحمي الأخلاق في الشارع .
- أهمية دور المدرسة في الارتقاء بالأخلاق والاعتراف بأننا في حاجة إلى مناهج تخدم المبادئ والقيم، وترسخ الأخلاق وتركز على منهج بناء الشخصية , كذلك التركيز على دور المدرس وطرق التدريس السليمة وأن يراعى فيمن يقوم بتعليم الأخلاق أن يكون شخصا ناضجا فكريا واجتماعيا ووجدانيا وعقليا، خالي من المشاكل النفسية لأن الأخلاق تسير بالتوازي مع الصحة النفسية.
- للإعلام دور بارز في نشر الثقافة الأخلاقية وبالتالي لابد من مراعاة القائمين عليه للهدف مما يقدمون ومدى الإفادة قبل نشر أي صورة أو خبر، فما ينشره الإعلام من قيم لا أخلاقية يتبناه جيل الشباب خاصة على الفيس بوك الذي أصبح أشبه بالمشرحة والصور الصادمة والمفروضة علينا .
وعن مدى تقبل المجتمع المصري لدورات التربية الأخلاقية تقول ,هذه الدورات تقام بالفعل ومنها الحملة التي أقامها مركز الإعلام العربي بساقية الصاوي والتي شهدت إقبالا وتجاوبا من المشاركين , أيضا ما تقيمه المؤسسات الخاصة ومنها مؤسسة مدى .
وتنهي عبدا لله بأملها في تغير المجتمع المصري للأفضل , وتؤكد بأن هذا لن يحدث إلا بتكاتف الجهود بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات التربوية والإعلام والمساجد، مع الأخذ في الاعتبار أن طريقة أداء الدور أهم من الدور نفسه، وأن ينجز كل منا المهام المطلوبة منه بشكلها الصحيح مشيرة إلى مادة التربية الأخلاقية التي تم إنفاق الكثير عليها دون فائدة أو دون أن تدرس بالشكل المرجو , وغيرها الكثير من الجهود الجميلة التي لم تقدم بالشكل الصحيح وبالتالي لابد وأن يعلم الجميع بأن حسن النوايا ليس كافيا للتغيير .
واتفق معها في الرأي دكتور محمد زيدان , أستاذ المناهج بجامعة حلوان، مؤكدا أن المناهج الدراسية عليها الكثير من علامات الاستفهام في كل المراحل لأنها تركز فقط على الجانب المعرفي والحفظ دون الارتقاء إلى المستويات العليا مثل المشاركة والتطبيق، إلى جانب إهمال كامل للمعرفة الوجدانية.. ومن هنا لابد من إعادة النظر في هذه المناهج لأننا في أمس الحاجة إلى القدوة منبها إلى أن سر انهيار أي حضارة يتمثل في التمسك بالجوانب المادية والابتعاد عن القيم الروحية .
وقفة مجتمعية
وواصل : كما ينبغي التركيز على رسالة المعلم وليس وظيفته، ففي حياة كل منا بصمة واضحة لمعلم أثر فيه بالإيجاب أو السلب، وبالتالي فإن منهج يحتوي على القيم الأخلاقية دون وجود المدرس الممتلك لهذه القيم سيظل حبرا على ورق وستظل المدارس أشبه بمدرسة المشاغبين .
وختم قائلا : ومع هذا , من الظلم أن نحمل المؤسسة التعليمية العبء كله وأنصح بضرورة تكاتف الجهات المعنية بأكملها من أسرة ومدرسة ووسائل إعلام وشارع لنضع حدا للحرية غير المسئولة التي يتمتع بها الكثير من أبناء اليوم، ولتكوين منظومة متكاملة ترتقي بالأخلاق العامة وتعود بالنفع على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق